على أرض الإمارات، الإنسانية قيم وممارسة، تتجلى سلوكا يومياً، فبالأمس كان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة يصطحب ولي عهده سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي متوجهين للسعودية لتقديم واجب العزاء والتخفيف من مصاب الدكتور إسماعيل البشري مدير جامعة الجوف الذي فجع بفقد خمسة من أبنائه في حادث مروري، وهو الرجل الذي عرفاه وعرفناه مديرا لجامعة الشارقة في فترة من الفترات، وهكذا هم قادة وأبناء الإمارات أوفياء للأوفياء، يحرصون على مشاركة الناس الأفراح والأتراح، لأنهم جزء منهم.
وضمن ذات اللفتات الإنسانية كانت اللقطة التي خطفت الأضواء في افتتاح المعرض الدولي للأمن الوطني ودرء المخاطر “آيسنار 2014” الذي يقام في مركز أبوظبي للمعارض الدولية تحت رعاية سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية يفتتح المعرض وبجانبه أبناء الشهيد طارق الشحي، لفتة وفاء من قادة ورجال الإمارات بأنها لن تنسى أبداً أمثال طارق ممن قدموا أرواحهم فداء للإمارات ورسالتها ونهجها في الوقوف إلى جانب الشقيق والصديق.
لقطتان اقتضى الموقف الإشارة إليهما من بين مشاهد للرائي في وطن الإنسانية على أرضه قيم وممارسة، ويتوقف أمام تصريحات سلطان الثقافة، وسموه يدشن احتفالات الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية، مؤكدا ثوابت جوهر الإسلام دين الحق الذي هو “دين الصفح والعفو والرحمة والتسامح الذي يفتح أبوابه لعناصر الحب والخير والجمال، مهما اختلف مواطنها وتعددت مصادرها”. دين الحق الذي اعتمد الحوار منهاجا لخطابه كما جاء في القرآن الكريم، وطبقه الرسول الكريم خاتم الأنبياء والمرسلين على أرض الواقع، و”مثل حجر الزاوية لبناء الحضارة الإسلامية”.
مبادئ وقيم أساسية، كم نحن بأمس الحاجة للتذكير بها دوما، ونحن نشهد ما يجري في عالمنا الإسلامي اليوم على يد تلك الفئات الملتاثة والمنحرفة، والتي تحاول الانحراف بجوهر العقيدة عن تلك القيم السامية والمبادئ العظيمة، التي تؤكد على التحلي بالخلق العظيم للمسلم الحقيقي الذي استخلفه الله على الأرض لتعميرها لا تدميرها، يتفاعل مع غيره من الشعوب والثقافات والحضارات والأديان لصالح الإنسانية جمعاء. وكما قال سموه “الاختلاف في العقائد والثقافات لا يعني صدام الحضارات”. والتعارف محور مهم وأساس في نهج المسلمين أكده الكتاب المبين الذي أُنزل على نبي الأمة محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام قبل أكثر من 14 قرناً. وجاء افتتاح معرض “لتعارفوا” ضمن أعراس الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية تأكيدا وتأصيلا لهذا النهج.
مسؤوليتنا جميعا استذكار وتذكير الناس بهذه القيم العظيمة للتصدي للدعاوى الُمشّوهة للمتاجرين بالدين من دعاة الضلالة والتضليل ومشائخ الفتن الذين ينعقون من بعض المنابر، يؤججون نيران الأحقاد المذهبية والطائفية، وينفثون سمومهم عبر الأثير وفضائيات الفتن، خوارج العصر الذين نشروا فوضى الخروج على ولي الأمر، وتجرأوا على الفتيا بصورة غير مسبوقة في التاريخ القديم منه أو الحديث.
“الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية” مناسبة تتوهج نوراً وضياء، هي فرصة لتذكير الجميع بمسؤولياته للوقوف صفا واحداً في وجه المنحرفين عن قيم الإسلام.