إثر الانفجار الذي عصف بمرفأ بيروت ودمّر أحياء من العاصمة اللبنانية، صعد مئات المتطوعين أدراج السلالم المتكسرة وعبروا من الأبواب المتفجرة التي أصبحت في شكل جحور، مزودين بالمكانس والمجارف.
وخلّف الانفجار الهائل أكثر من 170 قتيلا ونحو 6 آلاف جريح، وسط مواصلة فرق إنقاذ لبنانية وعربية ودولية عمليات رفع الأنقاض بحثا عن عشرات المفقودين، إضافة إلى دمار هائل في الأبنية والشقق السكنية وخسائر بمليارات الدولارات.
صحيفة "واشنطن بوست" (washingtonpost) نشرت تقريرا للكاتبة سارة دعدوش، جاء فيه أن المتطوعين دخلوا إلى منازل هُجرت في أعقاب انفجار دمر كل زاوية من زوايا العاصمة اللبنانية، وقاموا بمسح الدماء الملطخة على الجدران وكنس شظايا الزجاج وترتيب الكتب وممتلكات الناس الشخصية.
وعن هذا الموضوع، يقول آدم (32 عاما) "في كل مرة أعود فيها إلى شقتي التي دمرت بشكل نسبي إلى حد ما، أجدها أنظف مما كانت عليه".
وذكرت الكاتبة أن آلاف المتطوعين نزلوا إلى شوارع بيروت الأسبوع الماضي لتنظيف آثار الدمار الذي ألحقه الانفجار بمدينتهم، وقال كثيرون إنهم لا يؤمنون بأن حكومتهم ستستجيب لهذا الوضع، لذا فإن عليهم التعويل على أنفسهم لإنقاذ مدينتهم. ففي الأسبوع الذي أعقب الانفجار، لم تكن هناك أي جهود طارئة من قبل السلطات الحكومية المختصة لإزالة الأنقاض ومساعدة المشردين.
وأشارت الكاتبة إلى أن المتطوعين ركزوا على أحياء منطقتي الجميزة ومار ميخائيل التي تحطمت فيها نوافذ وواجهات عشرات المحلات، لدرجة أن كل الشارع الرئيسي مغطى بالزجاج الملطخ بالدماء، كما سقطت الشرفات القديمة والجميلة وتحولت إلى فُتات.
ومنذ الاثنين الماضي، يخرج مروان (33 عاما) وصديقته زينة (29 عاما) يوميا للبحث عن المنازل المتضررة، كما أنهما يحاولان تجنب المنازل المتضررة بشكل كامل، ويبحثان عن المنازل التي لا تزال تبدو سليمة، ويقدمان يد المساعدة لكل المتضررين.
ففي منزل إيلي شمعون (57 عاما)، يكنس أفراد العائلة شظايا الزجاج، وينظفون غرفة ابنة إيلي بينما كان هو جالسا في غرفة المعيشة متأثرا بصدمة الانفجار، ويقول إنه لا يستطيع البقاء في المنزل لأكثر من 10 دقائق، وتفكيره شارد في الحادث المأساوي، متسائلا عما كان سيحدث لو كانت ابنته الكبيرة نائمة في سريرها وقت وقوع الانفجار.
وذكرت الكاتبة أن السكان كانوا يرحبون بالمتطوعين، ويتبادلون الجمل نفسها معهم مثل: "الله يعطيكم العافية"، وكان المتطوعون الذين لا ينظفون الأنقاض يوزعون الماء والقهوة وأقنعة الوجه والشطائر، بينما وقف بعض المتطوعين في الخارج لحراسة المباني المهجورة وحمايتها من النهب. ومع ذلك، فقد وثق آخرون الضرر الذي تعرضوا إليه.
وقد عُلّقت في كل مكان الملصقات التي تُقدّم خدمات الإسكان والصحة العقلية، وحتى تقديم المساعدة في ما يتعلق بالتصميمات الداخلية للشركات المدمرة، وقد أكّدت زينة قائلة "الجميع واثقون من أننا الوحيدون القادرون على إعادة إصلاح البلاد".