تفاعل ناشطون حقوقيون على وسائل التواصل الاجتماعي، في اليوم العالمي للمعلم الذي يصادف 5 أكتوبر من كل عام، مع المعلمين والمعلمات الإماراتيين المغيبين في سجون أبوظبي منذ سنوات، كاشفين في ذات الوقت تناقض سلطات الدولة التي تحتفل بهذا اليوم في حين أن رواد التعليم لا يزالون خلف القضبان.
وفي مقدمة هؤلاء، المعلمة الإماراتية أمينة العبدولي، التي أصدرت السلطات مؤخراً حكماً بسجنها ثلاث سنوات إضافية بتهمة "الإخلال بالنظام العام".
وفي هذا الشأن قال الناشط الحقوقي الإماراتي عبدالله الطويل "يصادف اليوم يوم المعلم ولنا في السجون معلمون أكفاء وقدوة للمجتمع الإماراتي وضعهم السجّان في أقذر السجون بعد محاكمات عبثية وتهم كيدية .. وفي مقدمتهم المعلمة أمينة العبدولي وحسن منيف عبدالله الجابري، وعمران علي حسن الرضوان الحارثي".
وأضاف في سلسلة تغريدات على حسابه بتويتر": "هم أحرار رأي وسيبقون تيجان الرؤوس والمقل وإن حاولت الماكينة الإعلامية بأدواتها الإساءة لهم ولشخوصهم".
ورداً على تغريدة الشيخ هزاع بن زايد نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، التي تغنى في تغريدة له بالمعلمين والمعلمات وإنجازاتهم؛ قال صاحب حساب "نحن الكاذبون"، "إنّ تغني هزاع بن زايد بالمعلمين والمعلمات يأتي في الوقت الذي تحتضن السجون الإماراتية معلمين إماراتيين منذ سنوات بتهمة الرأي، ومؤخرا تم تجديد اعتقال المعلمة أمينة العبدولي بحكم جديد ثلاثة سنوات".
وأضاف متسائلاً: أين حق المعلم من هذه التغريدة المناقضة للواقع؟.
بدروه، قال مركز مناصرة معتقلي الإمارات "في يوم المعلم، نستذكر واحدة من معتقلي الرأي في الإمارات، وهي معلمة اللغة العربية أمينة العبدولي، التي تعرضت لانتهاكات عديدة من التعذيب والحبس الانفرادي، والمحاكمات الجائرة".
وكان المركز، قد كشف قبل أيام، أن محكمة الاستئناف الاتحادية في أبوظبي أصدرت في 28 أبريل الماضي حكماً بالسجن 3 سنوات ضد الناشطتين الإماراتيتين مريم البلوشي وأمينة العبدولي في القضية رقم 61 لسنة2021، وذلك بتهمة "نشر معلومات كاذبة تخل بالنظام العام".
وكانت نيابة أمن الدولة قد وجهت في 30 يوليو 2019 تهماً جديدة لأمينة العبدولي ومريم البلوشي المعتقلتين منذ عام 2015 بسبب إرسالهما سلسلة من التسجيلات الصوتية إلى المكلفين بولايات في الإجراءات الخاصة بالأمم المتحدة يكشفون فيها تفاصيل مهمة عن تعرضهما لانتهاكات داخل السجون الإماراتية.
وتشمل هذه التسجيلات الصوتية المنشورة في 29 مايو 2018، و12 نوفمبر 2018، و29 نوفمبر 2019 و12 فبراير 2019، معلومات عن تعرض أمينة ومريم إلى الإخفاء القسري والتعذيب من قبل ضباط أمن الدولة الإماراتي بهدف إجبارهما على التوقيع على اعترافات قسرية تدينهم.
وخلال سنوات الاحتجاز، تعرضت معتقلتَا الرأي إلى انتقام شديد من سلطات الأمن بسبب هذه التسجيلات، حيث تم نقلهما من سجن الوثبة إلى مكان مجهول، وتم إحالتهما إلى النيابة العامة وتوجيه تهم جديدة لهما بـ "تسريب معلومات كاذبة" تؤثر على سمعة الدولة وسجن الوثبة بشكل سلبي و"التسبب في مشاكل بين الدول"، وفقاً للمادة 29 من قانون جرائم مكافحة تقنية المعلومات.
وفي نوفمبر 2020، أصدر الفريق الأممي العامل المعني بالاحتجاز التعسفي الرأي رقم 61/2021 اعتبر فيه احتجاز مريم وأمينة تعسفياً، وحث على الإفراج الفوري عنهما، ودعا الحكومة إلى تقديم تعويض لهما، كما شدد على أن إرسال أمينة ومريم للتسجيلات إلى المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة يندرج تحت الحق في حرية الرأي والتعبير، واصفاً التهم الجديدة بأنها "انتقام واضح لطلب مساعدة المجتمع الدولي".
ورغم ذلك فإن سلطات أبوظبي تجاهلت رأي فريق الاحتجاز التعسفي، والنداءات العاجلة التي وجهها عدد من المكلفين بالولايات الأمم المتحدة في فبراير 2019 بشأن مريم وأمينة، وقامت بمقاضاتهم بالتهم الجديدة، والتي انتهت بإصدار أحكام جديدة بالسجن ضدهم.
يذكر أن جهاز أمن الدولة قام بالقبض على أمينة ومريم في 19 نوفمبر 2015 بتهم مختلفة، اعتقل أمينة بسبب تغريدات على التوتير، في حين اعتقل مريم بتهمة تمويل الإرهاب بسبب مساعدتها لعائلة سورية.
وتعرضت كلتاهما خلال فترة الاعتقال إلى الاختفاء القسري لأشهر عديدة، والتعذيب الشديد لإجبارهما على الاعتراف بالتهم المنسوبة إليهما، وقد أدى تعذيبهما إلى تدهور وضعهما الجسدي والنفسي، إذ أدى التعذيب الذي لحق بأمينة إلى تضرر عينها اليسرى، بينما تدهورت الصحة النفسية لمريم بشكل ملحوظ، ما دفعها إلى محاولة الانتحار.