أحدث الأخبار
  • 10:13 . منتخبنا الوطني يتقدم خمسة مراكز في تصنيف "فيفا"... المزيد
  • 10:12 . أبوظبي للتقاعد: لا تعديلات جديدة على شروط استحقاق التقاعد... المزيد
  • 09:19 . الرئيس الجزائري يبحث مع وزير الداخلية السعودي تعزيز التعاون... المزيد
  • 08:02 . المعارضة السورية تسيطر على بلدة إستراتيجية وتقترب من حلب... المزيد
  • 07:59 . "فلاي دبي": رحلات بيروت لا تزال معلقة... المزيد
  • 12:39 . استثنى معتقلي الرأي .. رئيس الدولة يأمر بالإفراج عن أكثر من ألفي سجين بمناسبة عيد الاتحاد... المزيد
  • 12:38 . "كأس رئيس الدولة للخيول العربية" تنطلق بأبوظبي 15 ديسمبر... المزيد
  • 12:19 . النفط يتراجع بعد قفزة مفاجئة في مخزونات البنزين بالولايات المتحدة... المزيد
  • 12:09 . أسعار الذهب تتراجع بضغط من ارتفاع الدولار... المزيد
  • 11:19 . قرقاش: آن الأوان لاستعادة الهدوء ووقف الحرب في غزة... المزيد
  • 11:17 . متظاهرون إسرائيليون قبالة منزل نتنياهو يطالبون باتفاق لتبادل الأسرى في غزة... المزيد
  • 11:06 . الصين تطلق سراح ثلاثة أمريكيين بعد سنوات من الدبلوماسية... المزيد
  • 11:05 . باحثون أستراليون يطورون روبوتات متناهية الصغر لعلاج السرطان... المزيد
  • 11:05 . لامين جمال يفوز بجائزة الفتى الذهبي لعام 2024... المزيد
  • 11:03 . أبطال أوروبا.. ليفربول يحسم المواجهة الكبيرة ضد ريال مدريد المتعثر بثنائية نظيفة... المزيد
  • 10:49 . يوفنتوس يتعثر ودورتموند يرتقي للمركز الرابع في أبطال أوروبا... المزيد

موسم الانتخابات في المشرق

الكـاتب : صالح عبد الرحمن المانع
تاريخ الخبر: 30-11--0001

يشهد المشرق العربي هذه الأيام موسمًا يُمكن وصفه بموسم الانتخابات. وقد ارتبطت الانتخابات في معظم بلدان العالم بفصل الربيع، حيث يُنظر لهذا الفصل عادة على أنه فصل الانتعاش ونهاية الطقس البارد، وبداية عام جديد، بالرغم من أنّ بعض البلدان الأوروبية والولايات المتحدة تعقد انتخاباتها في الغالب في فصل الخريف، لأنه فصل الحصاد وفصل الاحتفال بتوافر الغذاء والشراب، بعد فصول الصيف الشاقّة.

وقد ارتبط الربيع كذلك ببدايات العام الجديد في الصين وإيران وتركيا وبعض بلدان الشرق التي تحتفل بأعياد النوروز. فالفصل فصل التوالد وإعادة تأكيد أهمية الحياة، ولعلّ الساسة باعتمادهم الربيع موسماً لانتخاباتهم يؤكدون دور هذه الطقوس في تأكيد متانة نظامهم السياسي.

ظهرت الانتخابات في البلدان الغربية في القرن السابع عشر، وارتبطت بمفهوم الديموقراطية، وتأسيس الشرعية على أساس حق المواطن في تقرير من سيرأسه، أو يتولى زمام السلطة في بلاده. غير أنّ الانتخابات قديمةٌ قِدم التاريخ، فكان اليونان ينتخبون رؤساء مدنهم بشكلٍ مباشر، وكذلك فعل الرومان. وفي القرآن الكريم إشارةٌ إلى وجود مؤسسات سياسية قديمة في اليمن (الملأ الأعلى)، كانت توجّه السياسات العامة لملوك سبأ.

وغالباً ما ترتبط الانتخابات ببناء المدن والتحضّر، وإن لم تقتصر عليها. فالمجالس المنتشرة في مكة والمدينة قبل الإسلام شاهدةٌ على الدور العظيم الذي كانت تقوم به «السقائف» في المدينة، وكذلك دار الندوة في مكة المكرمة، كمكان لاجتماع «علية» القوم وتداول الرأي في شؤون المجتمع. ولعلّ الدور الذي قامت به سقيفة بني ساعدة في اختيار الخليفة الأول أبيبكر رضي الله عنه خير دليل على أهمية هذه المجالس الديمقراطية ودورها المركزي في إدارة شؤون الدولة والمجتمع، واستمرارها في هذا العمل الممنهج بعد الإسلام، لاختيار الخلفاء الراشدين.

ونشهد هذه الأيام طفرةً في الانتخابات، سواءً كانت رئاسية أو محلية، أو تشريعية. والغريب أنّ هذه الانتخابات تبرز في أماكن كانت إلى عهدٍ قريب تعاني الكثير من التراجع الاقتصادي والأمني والسياسي.

وهذه الانتخابات تمتد من أفغانستان وحتى العراق وتركيا ومصر، وربما تشمل القائمة بلدانًا أخرى كذلك. ويُخيَّل للمرء أنّ مثل هذه الانتخابات ستختطّ لبلدانها مسارات ومساقات سياسية جديدة. ولكن للأسف، فإن معظم هذه الانتخابات ستزيد من سيطرة النخب السياسية القائمة، ليس بسبب الرضا الشعبي الذي يحيط بتلك النُخب، ولكن بسبب التلاعب في قواعد اللعبة السياسية بطرق قانونية، أو حتى غير قانونية.

وفي البلدان الغربية، يحتجّ كثيرون بأنّ الأحزاب الحاكمة تلعب دوراً في رسم الخرائط الانتخابية لتجعلها تخدم أغراضها السياسية وتُوصل زعماء الحزب إلى سدّة السلطة، ويعتبرون ذلك إهانة للتقاليد الديمقراطية. وتستخدم سياسة رسم الخرائط الانتخابية في بلدان المشرق لتكريس الطائفية فتجعل الدوائر الانتخابية في بعض المقاطعات دون المئة ألف من السكان وفي مقاطعات أخرى فوق ذلك بكثير، ويكرّس ذلك النهج عبر القوانين الانتخابية. وفي بلدان الشرق «المتدقرطة» الأخرى، تُحاول النُخب السياسية الضغط على القضاء لإلغاء قانون سنّه البرلمان بعدم مدّ فترة ترشيح رئيس الوزراء لأكر من فترتين انتخابيتين. وفي أحيان أخرى، يجري «تطهير» القضاء، أو الضغط على اللجان المشرفة على الانتخابات، أو حتى التلاعب المباشر بنتائج الانتخابات، حتى ليكاد المرء يرى ذلك يسري على مسابقات الجمال، أو في المسابقات الغنائية المشابهة، وليس فقط في الانتخابات السياسية.

وبمعنى آخر، وبحكم طبعنا كشرقيين، فقد أفرغنا مفهوم الانتخاب من معناه، ولم تعُد هذه العملية أداة لضخّ دماء جديدة في الجسد السياسي، بقدر ما أصبحت أداة لاستمرار الدماء القديمة السارية في ذلك الجسد، سواءً كانت دماءً حمراء أو زرقاء. وهكذا، تفقد بعض المجتمعات الشرقية فرصاً تاريخية لإبراز قادة جدد قادرين على قيادة مجتمعاتهم وتجنيبها الكثير من المزالق والكوارث.

وفي النهاية، فإنّ الانتخابات وطرائق عملها وتسييرها ليست عملية سياسية بحتة، بقدر ما هي عملية أخلاقية تحاول المجتمعات عن طريقها تقنين مناهج الحُكم وطرائقها في بلدانها. وربما كانت هذه المناهج مفصّلة بشكلٍ دستوري كامل، أو كانت على شكل أعراف متوارثة كما هو حال القبائل العربية التي كانت تأخذ في معظم الأحيان بمنهج انتخاب شيخ القبيلة على أساس كرمه وشجاعته وحنكته السياسية، وربما انتخبت كذلك مجالس لقيادة القبيلة، واعتمدت القيادة الجماعية أحياناً، بدلاً من القيادة الأحادية للقبيلة.

غير أنّ المجتمعات كذلك تنمو وتتطوّر سياسياً واقتصادياً، وكلما كبر حجم الطبقة الوسطى فيها، كلما التفتت إلى الوراء وحاولت الاستفادة من مناهج الحكم الحديثة واستجلاء جزء من تاريخها وتراثها القديم لتختطّ مُجددًا طريق مستقبلها.