فضيلة المعيني
على الرغم من التنبيهات التي أطلقها المسؤولون في وزارة التربية والتعليم ومناطقها التعليمية، حول ضرورة الالتزام بالدوام المدرسي منذ اليوم الأول للفصل الدراسي الثالث الذي استؤنف يوم الأحد الماضي، إلا أن الواقع كان أليما بكل المقاييس، ولم تختلف بداية هذا الفصل عن غيرها، فكانت نسبة الغياب في مدارس دبي 50%، زادت عليها في مدارس الشارقة ووصلت إلى 70%، وقس عليهما بقية المناطق.
والحقيقة أنه لا جديد في هذا المشهد الذي يبدو أنه لن يختفي على المدى القصير، على الرغم من الجهد الكبير الذي تبذله الحكومة من أجل تطوير التعليم في البلاد، فلا بارقة تشير إلى انقشاع هذه الضبابة من خارطة السنة الدراسية، وكأن الميدان التربوي بمن فيه، أجمع على أنه يرحب بالتطوير والتحديث، ولكن دون المساس بالإجازات غير الرسمية التي يفرضها الطلبة رغم أنف الجميع.
ولكن دعونا نقف عند جولة وزير التربية والتعليم صباح الأحد على بعض المدارس، وقطعا لاحظ حالة الغياب الجماعي، الذي نتحدث عنه منذ سنوات دون أن يطرأ عليه جديد، وربما هاله منظر الفصول وهي خاوية على عروشها. وبطيبة قلب، لم يفترض أي سوء نية، ووجه مدير المدرسة التي زارها للتواصل مع ذوي الطلبة المتغيبين عن الدوام، للاطمئنان عليهم ومعرفة سبب غيابهم.
ولمعالي الوزير نقول وبكل ثقة، اطمئن فأبناؤك وبناتك الطلبة بخير وسهالة، وسبب غيابهم أنهم غارقون في سبات عميق وقد اعتادوا السهر حتى الصباح، فلم تفلح جهود "لاكشمي" و"فيلما" في انتشالهم من أسرّتهم التي تشكو منهم، حتى باتوا وكأنهم لاصقون بالفراش، وآخرون توقعوا أن عدد الغياب سيكون كبيرا ففضلوا اختصار الجهد وعدم هدر وقتهم فغابوا، وقلة ذهبوا إلى المدرسة دون كتب، تحصيل حاصل.
ثم عادوا أدراجهم، وهناك من الطلبة من غادر إلى إسبانيا لحضور مباراة نهائية، والبعض من الطلبة لايزال خارج الدولة بصحبة ذويهم فالزيارة بانتهاء إجازة الطلبة، لتصبح الحصيلة في النهاية واحدة: مدارس بلا طلبة.
في دبي حمّل مدير المنطقة ذوي الطلبة مسؤولية ارتفاع نسبة الغياب، وطالب إدارات المدارس بالتعامل مع الحالة وفقا للقانون.
والإجراء القانوي لا يتجاوز تعهداً خطياً من ولي الأمر بعدم تكرار الغياب، ولا شيء أكثر من ذلك.. ويتكرر المشهد. جزء من مسؤولية الغياب يتحمله أولياء الأمور، وجزء تتحمله المدارس التي تتساهل مع الواقع وتمنح إجازة للملتزمين، وكأنها موافقة ضمنية على ما يحدث.
هنا نقول مجددا إن الكرة في ملعب الوزارة وفي يدها مفاتيح وقف الغياب الجماعي، شرط أن تكون هناك أيضا رغبة جماعية في تفعيل اليوم الأول من السنة الدراسية أو الفصل الدراسي. ولنا في مدارس التكنولوجيا التطبيقية ومراكز التطوير والتعليم المهني التابعة للقوات المسلحة، القدوة الحسنة.